منذ عدة أيام اتصلت بى معلمتى وأستاذتى لعدة سنوات فى المدرسة لتهنئنى بحلول عيد الفطر المبارك.
وبعد السلام والتهنئة والاطمئنان عليها سألتها عن أخبار بعض معلماتى العزيزات والقريبات جداً إلى نفسى وقلبى اللائى سمعت عنهم للأسف الشديد ما لا يسر من خلالها، حيث أخبرتنى أن واحدة منهن طلقها زوجها بعد عقدين من الزواج لأسباب تافهة!
وأخرى مات زوجها الذى كان أثناء حياته يأخذ أموالها ويضعها فى حسابه فلم تطل منها شيئاً لحصول الورثة عليها، خاصة أنها لم تنجب!!.. أما الأخيرة فأصابها المرض وتجلس وحيدة فى بيتها بعد بلوغها سن المعاش، لا يزورها ابنها الذى اختار بعد تخرجه فى الجامعة أن يسكن منفرداً فى محافظة أخرى رغم أنه غير متزوج مقتدياً فى ذلك بشباب أوروبا وأمريكا!!
بالطبع تألمت وحزنت جداً بعد سماعى هذه الأخبار المؤسفة التى لم أملك إزاءها سوى الدعاء لهؤلاء المعلمات القديرات.. لكننى فى نفس الوقت تحسرت وترحمت على الحب الصادق الذى توفى إلى رحمة الله.
وأُهيل عليه التراب بعد أن داس عليه قساة القلوب ومتحجرو العقول بأحذيتهم وقتلوه وقتلوا معه كل المعانى الجميلة الرائعة التى تزرع فى النفوس الأمل والتفاؤل والرغبة فى الحياة والصبر على قسوة وضغوط المعيشة مهما عظمت أو كبرت!!
يؤسفنى أن أقول: إننا أصبحنا نعانى أزمة أدب وأخلاق وضعف إيمان وبعد عن تعاليم الدين السمحة التى تدعو إلى التمسك بالفضائل والمثل.
اندثر الحب وانقرض ولم يبق منه سوى بعض المعانى المستنسخة الضعيفة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع!.. والدليل على ذلك كثرة جرائم القتل والسرقة التى لا تفرقة فيها بين الأقارب والغرباء.
بالإضافة إلى تزايد نسب ومعدلات الطلاق بشكل مخيف!.. حيث نتج عنها العديد من الأمراض الاجتماعية منها: التفكك الأسرى وقسوة الأبناء وعقوقهم الآباء والأمهات، إلى جانب عقوق الآباء والأمهات وقسوتهم أيضاً على أبنائهم وتخليهم عنهم مادياً ومعنوياً رغم شدة احتياجهم لهم!!
إحقاقاً للحق.. لا ينبغى أن نرجع ما نعانيه فى مجتمعنا من كوارث وأمراض وأزمات إلى سيطرة وغزو دول الغرب على دول الشرق واقتحامها لمجتمعاتنا العربية وفرض عاداتها وتقاليدها على كل شىء وتسببها فى حدوث حالة من الهوس لدى شباب وفتيات الشرق حيث يقلدونهم تقليداً أعمى ويقتدون بهم دون إعمال للعقل ومراعاة للثوابت والأعراف..
نحن مسئولون أمام الله وأمام أنفسنا وأمام الجيل القادم عما يدور ويجرى فى مجتمعاتنا العربية!..
لابد وأن نفيق من حالة الغيبوبة التى وضعنا أنفسنا فيها لنحاول إعادة بناء مجتمعاتنا من جديد على أسس ومناهج سليمة غير مشوهة.
علينا أن نطمح ونجتهد فى أن نكون الأفضل والقدوة الحسنة التى لا نستبعد أن ينبهر بها الغرب ويتأسى بنا يوماً ما.. فالأيام دُوَل.
الكاتب: هناء المداح